كلمات سطرت بالدماء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين رب المستضعفين وناصرهم، ومذل المستكبرين وهازمهم ، وأصلي وأسلم على نبي المرحمة ورسول الملحمة،
لقد أجمع أعداء الأمة أمرهم ووحدوا صفوفهم وجعلوا همهم الأكبر ومحور
مخططاتهم ومشاريعهم الكيد لهذه الأمة باستغلال ثرواتها وتحطيم قيمها ومعالم
نهضتها، لكي تظل هكذا منبطحة وجامدة بدون مقاومة ولا حتى القدرة على التنديد فضلاً عن رفع هذا الذل.
ولقد ذكر الله تعالى هذه الحقيقة في كتابه حيث
قال (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا} وقوله (كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ)[التوبة: 9]،
وفي قوله تعالى ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهُمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِه وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون ).[الصف:8].
وقال صلى الله عليه وسلم: " بعثت بالسيف بين الساعة حتى يعبد الله، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم"،
خطب الإمام ابن الجوزي رحمه الله في أيام مثل هذه الأيام على الناس حين ذلوا وأصابهم الوهن كحالنا والعدو يجوس خلال ديارهم يقتل إخوانهم ويستبيح بيضتهم ويهتك أعراضهم وهم عن نصرتهم قاعدون ولهم خاذلون فقال في خطبته:
أيها الناس مالكم نسيتم دينكم وتركتم عزتكم وقعدتم عن نصر الله فلم ينصركم، حسبتم أن العزة للمشرك وقد جعل الله العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، يا ويحكم أما يؤلمكم ويشجي نفوسكم مرأى عدو الله وعدوكم يخطر على أرضكم التي سقاها بالدماء أباؤكم، يذلكم ويستعبدكم وأنتم كنتم سادة الدنيا، أما يهز قلوبكم وينمّي حماستكم مرأى إخواناً لكم قد أحاط بهم العدو وسامهم ألوان الخسف، أفتأكلون وتشربون وتتنعمون بلذائذ الحياة وإخوانكم هناك يتسربلون اللهب ويخوضون النار وينامون على الجمر؟!!.
يا أيها الناس إنها قد دارت رحى الحرب ونادى منادي الجهاد وتفتحت أبواب السماء، فإن لم تكونوا من فرسان الحرب فافسحوا الطريق للنساء يدرن رحاها، واذهبوا فخذوا المجامر والمكاحل يا نساءً بعمائم ولحى.
أو لا؟.
فإلى الخيول وهاكم لجمها وقيودها.
يا ناس أتدرون مما صنعت هذه اللجم والقيود؟.
لقد صنعها النساء من شعورهن لأنهن لا يملكن شيئاً غيرها، هذه والله ضفائر المخدرات لم تكن تبصرها عين الشمس صيانة وحفظاً، قطعنها لأن تاريخ الحب قد انتهى، وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة، الحرب في سبيل الله ثم في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض.
فإذا لم تقدروا على الخيل تقيدونها فخذوها فاجعلوها ذوائب لكم وظفائر إنها من شعور النساء، ألم يبق في نفوسكم شعور؟.
ثم ألقى - رحمه الله - اللجم من فوق المنبر على رؤوس الناس وصرخ: ميدي يا عمد المسجد وانقضي يا رجوم وتحرقي يا قلوب ألماً وكمداً، لقد أضاع الرجال رجولتهم.
ابن الجوزي رحمه الله [ من خطبة له في المسجد الأموي بدمشق ]